الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة حفل الفنان السنغالي "يوسو ندور" بمهرجان قرطاج الدولي: عندما يحيي الفنّ أمجاد الإنسانية، ويرفع راية أفريقيا الحرّة الموحّدة

نشر في  17 أوت 2024  (16:11)

"الموسيقى هي لغة الروح، فهي تكشف اسرار الحياة لتجلب السلام وتلغي الصراع" بهذا الاقتباس للأديب جبران خليل جبران، يمكن أن نصف ما رسّخه الحفل الفني المميّز الذي أحياه الفنان السنغالي يوسو ندور بمهرجان قرطاج الدولي مساء الخميس 15 أوت الجاري...

صحبة فرقته الموسيقية المكونة من 8 عازفين على آلات الغيتار الكهربائي والكلاسيكي والساكسوفون والبركشيون والباتري وغيرها من الآلات الموسيقية إلى جانب مؤديين غنائيين، حلّ موكب الفنان السينغالي الأصل يوسو ندور بمسرح مهرجان قرطاج الدولي ليحلّق بنا نحو رحلة أيقض فيها الجذور الأفريقية الكامنة فينا واحيى من خلالها مجد إفريقيا الراسخ عبر الزمان والنابض على الدوام.

Peut être une image de 6 personnes, saxophone et foule

خلال هذه السهرة الافريقية الروح والهوى، أحيى ندور حفلا تجاوز فيه حدود الزمان والمكان وحطّم حاجز اللغة ومزج بالموسيقى الإفريقية كل ألوان الإنسانية وأصبغتها، ولامس فيه أنفة إفريقيا فتزيّنت سماء قرطاج ولمعت نجومها عنذ تكريم عدد من أسماء زعماء لن تنساهم الإنسانية على مرّ السنين بينهم الزعيم الغاني كوامي نكروما والكاتب والمؤرخ والسياسي السنغالي أنتا ديوب، وطبعا الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا الذي قال إنّ "حريتنا منقوصة بدون حرية الفلسطينيين".

"لا تنظر إليّ.. لا تنخدع بابتسامتي.. لا تفترض أنك تعرف حقيقة شعوري.. مفكّرا بأننا متساوون تماما.. ما بداخلك هو ما بداخلي.. عندما يولد طفل في هذا العالم فلا فكرة له عن لون البشرة التي يأتي بها... أتمنى أن ننسى لونهم حتّى يكون لديهم أمل.. الكثير من المواقف العرقية العنصرية تجعل منهم يائسين.. أود أن تفتح الأبواب على مصراعيها حتى يستطيع الأصدقاء الحديث عن ألمهم وسعادتهم التي يشعرون بها... هنالك مليون صوت لتخبرك بما ينبغي أن تفكر فيه لذا من الأفضل أن تستيقظ ولو لمدة ثانية واحدة..."

مقتطف مترجم من أغنية (7 seconds) التي اشتهر بها الفنان يوسو ندور وحققت أرقاما قياسية في نسب المشاهدة لما فيها من عبارات تلامس الروح، وتفضح وجعا وقهرا "مجّانيا" يعاني منه أصحاب البشرة الداكنة فلاهم من اختاروا لونهم ولا من اختاروا أصلهم ولا منشأهم.

Peut être une image de 2 personnes

خلال أداء ندور هذه الأغنية صحبة المغنية الكاميرونية KALI KAMGA، اهتزّت مدارج مسرح قرطاج على وقع موسيقى 7 Seconds وصدحت الحناجر بكلمات كانت بمثابة المرآة التي عكست صوت المضطهدين والمنفيين والمهمّشين.

إلى جانب 7 Seconds، أدّى "أمير داكار الصغير" إلى جانب فرقته الموسيقية باقة من أغانيه الشهيرة التي كسرت بنوتاتها الموسيقية وكلماتها الفنية كل طغيان القيود الوجودية المنغلقة وسافرت بالحاضرين المتوافدين لحضور هذه السهرة سواء كانوا تونسيين أو من الجالية الافريقية نحو عوالم متمرّدة  كانت فيها الموسيقى بمثابة "وَحْي علا على كل الحِكم و الفلسفات".

Peut être une image de 4 personnes, trompette, saxophone, foule et texte

ومن بين الأغاني التي أداها يوسو ندور نذكر Birima  و Senega و New Africa وغيرها من الاغاني التي وحّدت كل المعاني والمشاعر، وكانت بلسما لكل من آمن بمجد افريقيا الحرّة والموحّدة وكل من اعتقد بأنّ الفن لطالما كان منارة تسطع بفنارها على كل القضايا الإنسانية المنسية.

Peut être une image de 2 personnes et le Mur des Lamentations

تجدر الإشارة إلى أنّ يوسو ندور اعتلى ركح مهرجان قرطاج للمرة الرابعة، وعاد هذه السنة لصعود الخشبة بعد غياب 10 سنوات وهو الذي كان قد صرّح بأنّ "مهرجان قرطاج الدولي من المهرجانات الكبيرة التي يجب أن تحيا وتستمر وتتطور دائما".

وتحصل على العديد من الجوائز والأوسمة،  بينها جائزة "غرامي" وجائزة "كورا" للموسيقي الأفريقية، وجائزة "بولار ميوزيك" من الأكاديمية الملكية السويدية للموسيقي كما منحته جامعة "يال" الكندية دكتوراه فخرية.

 منــارة تليــجاني